Skip to main content

الراحل



في البداية لم أكون انوي ان احدثكم عن صديقي الراحل، فقد اثرت على نفسي ان ابقي قصته ذكرى في مخيلتي و لكني قد قررت ان امجد ذكراه بأن أنشر لكم بعض من كتابته و مذكراته املا ان يجدها بعضكم درسا ينتفع به أو حتى قصة يستمتع بقراءتها. قد تعتقدوا ان صديقي هذا من عالم اخر أو أرض أخرى لكنه ارضي مثلي و مثلكم (ان كنتم ارضيون مثلي) و لكن قبل رحيله قد تبدل الحال به و اصابته ازمة وجدية مثلما حدث لهامليت في مسرحية شكسبير الأشهر حينما فقد هاملت ابوه فقال "ان تكون أو لا تكون، هذا هو السؤال" و طفق يتفكر في الموت مقارنة بالنوم أو القيلولة، لكن صديقي هذا قد تفكر في ما حوله من أحداث و مأسي كما ستقرأون و قرر الرحيل، دعوني أنهي كلامي لتبدأ مذكرات صديقي الراحل:

"قربت رحلتي في ارضكم أيها البشر على الانتهاء. نعم، لقد كانت رحلة شيقة، ارضكم أيها البشر الفاني انعمت عليكم بالكثير، فهل كنتم لها حافظون؟ بعضكم جعلها حكرا على نفسه، و ظن ان ثرواتها التي ملأ بيها خزائنه ليست بزائلة، و لكن هيهات و في من تنادي. رأيت في رحلتي بشر يبنون القبور القصور، و بشر يسكنون القبور. رأيت بشر مختلفة الوانهم و ألسنتهم، كلهم بشر على هيئة واحدة، و لكن أعمتكم قلوبكم فـفرقتم بينكم، و أن لم يكن ذلك كافيا، فصنفتم انفسكم و اجمعتم انفسكم طبقا لمعتقادتكم الشخصية، ثم شحنتم قلوبكم العمياء بالضغائن ضد بعضكم البعض. رايتكم تألهون بشرا، و تنسوا ما اعتقدتم فيه ثم حشدتم جيشوكم الغافلة الجاهلة لتقتلوا بني جنسكم من اتباع المعتقدت الأخرى بإسم معتقادتكم المنسية. رأيتكم تبيعوا انفسكم من اجل ثروات تعلموا انها زائلة، ثم تندبون حالكم البائس و تهيموا بحثا عن سلامة عقولكم و راحت انفسكم التي افنيتموهـا و قايضتموهـا حين جعلتم الثروات اسمى اهدافكم الحياتية، فأين و لا أين ثراواتكم الأن أيها البشر.
قربت رحلتي في ارضكم على الانتهاء. قربت رحلتي على الانتهاء لتبدأ رحلة بحث أخرى، عن أرض أخرى ببشر أخر في عالم اخر. قبلة أخرى. عالم لن تهتدوا إليه قط، طالما أغشيت قلوبكم و نسيتم هدفكم الأسمى الاول.

قربت رحلتي في ارضكم أيها البشر على الانتهاء و فيها قد درست تاريخكم أيها البشر. و وجدت قصص كفاح و نصر، روايات بطولة و ذكريات بلا حصر. وجدتكم تفنون حياتكم و كل ما تكنزون من أجل أغلى ما تملكون؛ حريتكم أيها البشر!!! رأيتكم تقومون بحروب و ثورات، صولات و جولات. رأيتكم تهتفون من أجل حريتكم. رأيتكم تهتفون تناضلون كلكم سوياً، جنباً إلى جنب، جريحٌ جنب قتيل. ثم رأيت العجيب منكم؛ رأيتكم و دائماً لا تلبثوا حتى تنقسموا بعضكم على بعض: هذا من ذاك الفريق، و ذاك من هذا الفريق. ثم تنقسم الفرق و الأحزاب على بعضها، فيترك بعضكم فريقه لتقولوا عنهم الخائنين الفرقاء. ثم لا تنفكوا و إن تنسوا ما حاربتم من أجله، ما دفنتم في سبيله. ألأنكس، أن بعد ما نقضتم عهدكم للحرية، أستعبدتكم ذات الفئة التي ثرتم ضدها، كأن ما كان، و ما كان لم يكن!!!

لقد رأيت فيكم الامل و الحرية، ثم تبين لي انكم كائنات تعشق فقط فكرة الأمل و معنى الحرية. حمارٌ، لا،بل الحمار لا يعلم ما هية الحرية، و إن عرفها لا تراه يثور على سيده، ثم يترك سيده ليركبه مرة أخرى، و أن كان لسيده رداء أخر سواء العقيدة أو المحاماه يتنكر فيه، كلهم نفس ذات السيد. لقد درست تاريخكم أيها البشر، و لقد رأيت و إن ظهر انكم تسعوا دائماً للحرية، فأنكم و الحقيقة دائماً تسعوا للسيطرة، و بصيترتكم تستعبدوا ما حولكم: السيد لحماره، و صاحب القطيع لهذا السيد. دائرة متكررة، تماماً مثل تاريخكم الذي و ليحزنني انكم لا تتعلموا منه. قربت رحلتي في ارضكم على الانتهاء. قربت رحلتي على الانتهاء لتبدأ رحلة بحث أخرى، عن أرض أخرى ببشر أخر في عالم اخر. قبلة أخرى"












Comments

Popular posts from this blog

مدرسة أهل الخير الحميدة

هذه القصة لا تمت للواقع بصلة وأي تشابه بين الشخصيات الموجودة فيها وبين الحقيقة هو من وحي خيال القارئ. في عالم موازي على ناصية مجرة تبعد عننا بحوالي ساعتين بالدائري المجري الخامس جلس صديقي الفضائي ببزته الخضراء اللزجه يحكي و يخابرني عن قصص السابقين كعادتنا في إنتظار الأتوبيس المجري الذاهب إلى مجرة البلبل المعوج، طفق يحكي لاحساً من بوظته: مجدي عبده الملواني مجدي، طالب ثانوي في مدرسة أهل الخير الحميدة الداخلية النموذجية الحلزونية الكشفية المهلبية تحت الطبلية. و في المدرسة ناظر مدير مهمته إدارة شؤون المدرسة و التأكيد على سير العملية التعلمية و الأخلاقية و الأقتصادية في المدرسة. و بما إن الناظر  تتلمذ و تعلم و ترعرع تحت منهج الكشافة العظيم، كان طبيعي أن معظم الطاقم الاداري للمدرسة و متخذي القرار يكون ذو خلفية كشفية مبجلة، لم لها من سبق كبير في إدارة المدرسة عبر أجيال بعد تحول المدرسة من نظام الملكية الشخصية لإدارة محلية طحينية. و دة في حد ذاته شيء مش غريب ولا جديد في إدارة المدارس، ف من المتعارف عليه أن كل ناظر مدير بيأتي بأصدقائه و معارفه أصحاب نفس الاتجاه الفكري الإداري ...

A moment in the Space-Time.

A couple of days ago, I decided not to take my usual route to the office. I lusted for a change, new thoughts and ideas. I was walking down this new road, the sun was a little shy, taking cover behind the unending stream of clouds. It was not cold, a little chilly, this kind of cold weather you enjoy when you are having a hot drink, preferably a good quality coffee with the occasional good quality cigarette that does not leave an after taste. But then, just for a brief moment in the current fabric of the space-time continuum, the sun decided to overcome its shyness and unleash its warm beautiful graceful light. It was as if the sunlight hit me in the face, for a second there I was disoriented, yet I felt complete and enlightened. I felt I was disintegrated into the smallest of the atoms, I was the air you breathe, the small particles of dust travelling around you, and I was the sun rays the passer byes enjoyed. I was –again- connected to the universe, I was the universe and the unive...