Skip to main content

مسرور بكفاحي في السقوط الأزلي.



أدركت نفسي و انا علي حافة هضبة عاليه قد تسلقتها، ادركتني و انا انظر حولي، يا ألهي انا فوق العالم، أنا فوق العالم !!! اري نهر تتدفق مياهه منذ الأزل شاقةٍ قارة بأكملها ساحراً تللك الأراضي الصماء و الجبال الرواسي محولها إلي جنات خضر منبت الأشجار و الحدائق الغناء.

ادرك انني علي حافة العالم و ايضا علي حافة السقوط إلي القاع. اني حقا أسقط... اسقط إلي هاويه لا أري لها مستقر.
اسقط و العالم من حولي يضمحل و يختفي، شيئا فشيئاً يلتهمني ضبابٍ أبدي، كأنك في قلب سحابة عائمة في محيط لا تعلم له كنهّ او نهايه.

لازلت اسقط، و أذ فجاةٍ اراني اسبح في نهر نسيجه الزمن، يطغي علي حتي كفرت به و صرت من نسيجه، روحي فيه اتنفسه و فيه أري و اعيش. هنالك اري حروب الروم، كليوبترا البطلميه و انطونيوس، بناهٍ الأهرام يتعاقب عليهم الليل و النهار عشرون عاماً، اري رجلاً أزرق اللون ملطخ بالدماء مشقوق قلبه قرباناً للأله المايا، دوستويفسكي في سجنه في سبيريا، و تشايكوفسكي في لحظة عبقرية يؤلف بحيرة البجع. أراني طفل يحبو، ثم أرى بيت جدتي السكندري القديم، أراني في شرفة بيتها في ليلي من ليالي شتاء الاسكندريه التي يمتزج فيها ماء المطر بنسيم البحر المالح العليل. اتنفس ذالك العبق الأزلي الجميل، يا الاهي، تكاد تراني ابتسب برضا و أرتياح كالشبع بعد جوع، اري شطيرة الجبنه في ذاك العيش الأسمر المشوح علي نار، بجانب كوب اليانسون الدافئ الذي احتسيه علي ضوء البرق الذي يزجر سحاب مدينة الاسكندر.

سبع سنين شؤم قالوا لي عندما هشمت تلك المرأة اللعينة. لا، لا تقل انها سبع سنين سقوط. اكاد اتمني لنفسي رحلة هبوط سعيدة حتي اري نهاية لما فيه من سقوط، اري العالم بجمعهه من تتي، الارض الخضراء بجبالها و محيطها الأزرق البراق بشمسها. اهبط كأني اقع من قلب بركان مقلوب في سماء ذات الارض. لماذا لا أراني متفاجئ عندما أدركتني متسلقاً الي حافة نفس ذات الهضبة العالية التي وكأنها منذ لحظة واحدة، كأنها لحظة واحدة!!! اتدارك نفسي لكني أدرك انه لا مفر لي من السقوط السيزيفي الأبدي. و لكم أرجو أن أراني سعياً كما قال كامو و هو يحتسي كوب القهوه علي دخان التبغ في احدي مقاهي باريس: علي المرء أن يتخيل سيزيف مسرور بكفاحه إلي الاعلي... ابتسم ببلاهة غارمه و اقول: مسرور بكفاحي في السقوط الأزلي، حتي اهبط الي القمة الهضبة.

Comments

Popular posts from this blog

مدرسة أهل الخير الحميدة

هذه القصة لا تمت للواقع بصلة وأي تشابه بين الشخصيات الموجودة فيها وبين الحقيقة هو من وحي خيال القارئ. في عالم موازي على ناصية مجرة تبعد عننا بحوالي ساعتين بالدائري المجري الخامس جلس صديقي الفضائي ببزته الخضراء اللزجه يحكي و يخابرني عن قصص السابقين كعادتنا في إنتظار الأتوبيس المجري الذاهب إلى مجرة البلبل المعوج، طفق يحكي لاحساً من بوظته: مجدي عبده الملواني مجدي، طالب ثانوي في مدرسة أهل الخير الحميدة الداخلية النموذجية الحلزونية الكشفية المهلبية تحت الطبلية. و في المدرسة ناظر مدير مهمته إدارة شؤون المدرسة و التأكيد على سير العملية التعلمية و الأخلاقية و الأقتصادية في المدرسة. و بما إن الناظر  تتلمذ و تعلم و ترعرع تحت منهج الكشافة العظيم، كان طبيعي أن معظم الطاقم الاداري للمدرسة و متخذي القرار يكون ذو خلفية كشفية مبجلة، لم لها من سبق كبير في إدارة المدرسة عبر أجيال بعد تحول المدرسة من نظام الملكية الشخصية لإدارة محلية طحينية. و دة في حد ذاته شيء مش غريب ولا جديد في إدارة المدارس، ف من المتعارف عليه أن كل ناظر مدير بيأتي بأصدقائه و معارفه أصحاب نفس الاتجاه الفكري الإداري ...

الراحل

في البداية لم أكون انوي ان احدثكم عن صديقي الراحل، فقد اثرت على نفسي ان ابقي قصته ذكرى في مخيلتي و لكني قد قررت ان امجد ذكراه بأن أنشر لكم بعض من كتابته و مذكراته املا ان يجدها بعضكم درسا ينتفع به أو حتى قصة يستمتع بقراءتها. قد تعتقدوا ان صديقي هذا من عالم اخر أو أرض أخرى لكنه ارضي مثلي و مثلكم (ان كنتم ارضيون مثلي) و لكن قبل رحيله قد تبدل الحال به و اصابته ازمة وجدية مثلما حدث لهامليت في مسرحية شكسبير الأشهر حينما فقد هاملت ابوه فقال "ان تكون أو لا تكون، هذا هو السؤال" و طفق يتفكر في الموت مقارنة بالنوم أو القيلولة، لكن صديقي هذا قد تفكر في ما حوله من أحداث و مأسي كما ستقرأون و قرر الرحيل، دعوني أنهي كلامي لتبدأ مذكرات صديقي الراحل: "قربت رحلتي في ارضكم أيها البشر على الانتهاء. نعم، لقد كانت رحلة شيقة، ارضكم أيها البشر الفاني انعمت عليكم بالكثير، فهل كنتم لها حافظون؟ بعضكم جعلها حكرا على نفسه، و ظن ان ثرواتها التي ملأ بيها خزائنه ليست بزائلة، و لكن هيهات و في من تنادي. رأيت في رحلتي بشر يبنون القبور القصور، و بشر يسكنون القبور. رأيت بشر مختلفة ا...

A moment in the Space-Time.

A couple of days ago, I decided not to take my usual route to the office. I lusted for a change, new thoughts and ideas. I was walking down this new road, the sun was a little shy, taking cover behind the unending stream of clouds. It was not cold, a little chilly, this kind of cold weather you enjoy when you are having a hot drink, preferably a good quality coffee with the occasional good quality cigarette that does not leave an after taste. But then, just for a brief moment in the current fabric of the space-time continuum, the sun decided to overcome its shyness and unleash its warm beautiful graceful light. It was as if the sunlight hit me in the face, for a second there I was disoriented, yet I felt complete and enlightened. I felt I was disintegrated into the smallest of the atoms, I was the air you breathe, the small particles of dust travelling around you, and I was the sun rays the passer byes enjoyed. I was –again- connected to the universe, I was the universe and the unive...